Popular Posts

Saturday, October 12, 2013

العد التصاعدي - 7

للمرة الأولى بسنوات عمر سلمى الواحدة والثلاثين يذوب الجليد الذي حول روحها، وتشعر بالقوة لحماية أيٍ كان، استيقظت غريزة الأمومة البدائية لديها، ورغبت بشدة في حماية هذه الطفلة مما تعرضت له في صغرها،  أرادت أن تقول كل الكلمات التي لم تستطع قولها منذ كانت بالخامسة، وحررت نفسها من الخوف الذي عاشت فيه كل هذه السنوات الطويلة، وواجهت عمتها، واتخذت قرارها بالاعتناء بهذه الصغيرة حتى يعود والدها، دون أن تحسب صعوبات وعقوبات هذا القرار الصعب والغريب تمامًا عما واجهته في حياتها.
بدون كلمة واحدة أشارت لسالينا بأنها ستتدبر الأمر،وحملت الطفلة على ذراعها، وسحبت الحقائب بيدها الآخرى، لم تنظر إلى عمتها مطلقًا إنما شعرت جيدًا أن عمتها في موقف العاجز وارتاحت لهذا الشعور كثيرًا، تبعها الكلب ودخلوا غرفة سلمى وأغلقت الباب.
بدت الطفلة مرهقة جدًا أو هكذا خيل لسلمى لأنها جاءت من بلاد بعيدة في رحلة طويلة، أخذتها واحتضنتها وأمسكت  بيدها ودغدغتها، وبدا أن الطفلة تضحك وتشعر بالراحة والأمان مع سلمى ، وسلمى شعرت بكثير من الحياة في وجود هذه الطفلة، الكثير من المشاعر التي لم تشعر بها من وقت طويل، الكثير من الإنسانية التي افتقدتها في حياتها التي تدور بها كساقية ماء تأخذها وتعيدها إلى النهر الذي تسير فيه كل يوم، نزعت ملابس الطفلة عن جسدها القمحي ذو الجلد الشفاف، وملأت حوض الاستحمام بماء دافيء وصابون سائل معطر، أخذت ألينا والكلب إلى الحمام ولعبوا طويلًا هناك قبل أن تغسل سلمى شعر ألينا البني وتدعك جسدها جيدًا وتقوم ألينا بغسل كلبها وهو ينزلق من يديها الصغيرتين وينبح بابتهاج ، نشفت سلمى شعر ألينا وألبستها ثوبًا أبيضًا بلون سماويٍ فاتح ليس عليه أية أزهار أو تفاصيل كثيرة، بسيط جدًا بدت فيه ألينا جميلة ومهندمة خاصة بعد أن مشطت سلمى شعرها إلى ذيلين منخفضين تحت أذنيها وتركت باقي شعرها البني ينساب على كتفيها ، سلمى أيضًا استحمت وارتدت ملبسًا قطنيًا بلون أخضر يظهر بياض بشرتها كثيرًا، بعدها نزلوا مجددًا لصالة الطعام وتناولت ألينا وجبتها بإشراف سلمى، وحضرت سالينا وجبة للكلب دومينيك الذي تناولها مبتهجًا.
أخذتهم سلمى للغرفة واستلقت بجوار ألينا التي بدت هادئة وخاملة وناعسة، نام الكلب الصغير بينهما على سرير سلمى، وأخذت سلمى تحدث ألينا التي لا يبدو أنها تفهم كثيرًا مما تقول : أنا سلمى ... سأدعوك لين ..
أشارت إلى نفسها : سلمى .. سلمى ..
همست ألينا : سلمـــى..
ابتسمت سلمى وأشارت إليها : لين ..
قالت ألينا : ألينا (وكأنها فهمت أنها تناديها باسم آخر)
أعادت سلمى : لين .. سأدعوك لين ..
ابتسمت ألينا : لين ..
قالت لها سلمى : أنت جميلة يا لين .. وطبعت قبلة صغيرة على جبينها أعلى ما بين عينيها ، وابتسمت لين باسترخاء شديد وكأنها تعي المديح الذي تسمعه أو تشعر بشعور سلمى نحوها ..
أغمضت عينيها ونامت لين بوجه ملائكي جميل أذاب قلب سلمى ، وتمنت لو أن هذه اللحظة تدوم للأبد، هي بمشاعرها هذه كلها، ولين النائمة كابنة أحد الآلهة برموشها الطويلة وشفتيها الصغيرتين شبه المفتوحتين وشعرها الذي يضفي عليها سحرًا وسلامًا وبساطة على بساطة فستانها السماوي ، والكلب الصغير النائم ما بينهما بسلام وأمان، وتعجبت سلمى قليلًا لأنها أحبت وجود هذا الكلب رغم أنها لم تحب الحيوانات قط .. 
غطت سلمى لين وظلت بجوارها تراقب أنفاسها ووجهها وجمالها الذي خطف أنفاسها، وتمنتها لنفسها، أن تمتلك هذه الطفلة للأبد ، وأن تبقى هذه اللحظات الساحرة لآخر العمر ..
بعد ساعة من الوقت فتح الكلب عينه وأخذ يدور حول لين بينما سلمى تحاول ابعاده عنها لئلا يوقظها، وفتحت لين عينيها بسبب حركة كلبها وقفزه عليها .....
للوهلة الأولى شعرت لين بالخوف والصدمة لأنها وجدت نفسها في مكانٍ غريب لم تتذكر أنها جاءت إليه، ولم تر وجه أبيها ولا وجه أمها، وبدأت بالبكاء ..

No comments:

Post a Comment