Popular Posts

Friday, September 28, 2012

حبة الموت

الغد الذي حلمت به كل أفلام الخيال جزءٌ منه يتحقق كل يوم، متعلقٌ بالتقدم التكنولوجي .. وأجزاءٌ كثيرةٌ تبقى على وحشيتها وقسوتها وبريتها؛ كالجوع والفقر والمرض!
لكن لن يكون للإنسان العالم المثالي الفاضل الذي إذ طالما حلم به، لأن الانسان ببساطة مخلوقٌ لا نظامي، ينازع نفسه ، يبقى عالقًا عند مسميّات الأشياء، وعند تفاصيل الأشياء الصغيرة، ثمّ يبعثرها دون أن يضعها في الصورة الكبيرة..

ربما لو أمكن للانسان الوصول إلى مدينة خارقة مثالية، وكان قد تمكن من حل نزاعات الأفراد بصورة عملية، ومن ثمّ وفر لكل فرد ما يسد احتياجاته ويشبع رغباته، وأعدّ معاييرًا للحياة تجعلها تسير بعيدًا عن نزوات وجنحات البشر وفق ضوابط معينة .. ربما حينها فقط أمكنه أن يقرر اختيار موته من استمراره في الحياة ، وربما أصبحت يومها تباع "حبة الموت" في الصيدليات .. وقد حتى تتواجد منها أنواع مختلفة : "موت بطيء" .."موت سريع"...

لكن الإنسان لا يكون أبدًا قادرًا على اتخاذ قرار موته بنفسه لأنه متذبذب ومليء بالعواطف ونواحي الضعف لهذا يبدو الانتحار عملًا محرمًا في بعض الديانات ،ولعنةً في بعض الثقافات، وخطيئةً في بعض المجتمعات .. 
مع ذلك قد يبدو قتل النفس مخرجًا من كل المآزق التي تخنقنا بها الحياة..
 وقد يبدو تارةً أكثر شرفًا من أن يقتلك عدوك ..
قد يبدو رفيقًا ورؤوفًا أكثر من حياةٍ مهينةً مريرةٍ لا توجد فيها أهم أسباب الحياة ..
وقد يبدو شفقةً من عذابٍ مستمر .. 
..
لكن ربما لأن البشر مثل كأطفالٍ في صفّ الروضة معظمهم لا يحسن استخدام السكين فيمنعون جميعًا من استخدامه .. 

هل لازالت الحياة تبدو مشرقةً حين تعرفُ الجانب المظلم من حياة الآخرين .. ولا تعود تسمعهم في صلواتهم في عتمة الليل يقولون سوى : 
يارب .. نريد أن نموت ، وتستكين آلامنا وتسكن أوجاعنا .. 
نريد أن نموت!

No comments:

Post a Comment