Popular Posts

Friday, September 28, 2012

الكتابة للسماء .. حيث أمي

في كل ذات حينٍ تراودني رغبةٌ في الكتابة لأمي الراحلة من بضعة أشهر ،،
أريد أن أكتب لها رسائلًا عن أحوالنا ، واعترافاتٍ أخفف بها العبيء عن روحي المثقلة ، وأسئلة كثيرةً أحتاجُ لإجاباتٍ منها عليها .. 
.. 
وأسألُ نفسي كيف ستُحملُ رسائلي إليها إلى السماء؟ أو كيف ستردُ عليها ؟
أو كان بالأحرى أن يتركوا فتحةً للبريد على قبرها .. متسعةً قليلًا  لأضع فيها الرسائل ومصباحًا لتستطيع القراءة .. وربما ورقًا وأقلامًا لتكتب لي ردًا .. 
تدفعني أفكاري الطفولية هذه للبكاء بشدة ، وأعرفُ لأني أفتقدها بشدة أحاول أن أجد متنفسًا أبحث فيه عنها بعيدًا عن حقيقة موتها المريرة ..
..

أريدُ أن أكتبَ إلى معجبتي الأولى .. 
إلى العينين التي أرى وجهي قمرًا فيهما .. 
إلى الضحكة التي أسمع فيها تأييدًا لجنوني ..
إلى القلبِ الذي أوله إشفاقٌ علي وآخره امتلاءٌ بمحبتي،،
..
أول وجهٍ من محبةِ الله ، وأول قطرات رحمة الله ، وأول لمسة لروح الله .. 
..
تمرُّ بي نزعاتُ ندمٍ خبيثٍ ستظلُّ تلتهمني إلى آخر العمر .. 
أواه يا أماه .. 
ما شبعتُ منكِ تقبيلًا ولا ضمًا .. 
والتهمك الموتُ الشره وارتوى منك ضمًا أكثرُ مما فعلتُ عمري كله ..
أواه يا أماه ،،
ما أدركت أني في قلبك أكون وفي سواه لا أكون أبدًا إلا بعد رحيلك ..
أواه يا وجعي وندمي .. وقسمتي من الحرمان ..
..

قبلي قلبي المتعبَ يا أمي .. 
ربما إن قبلت قلبي المتعب ينجو .. 
ربما إن قبلتِ أوجاعي تبرى .. 
ربما إن ضممت الكائن التائه فيني عدتُ
..

حبة الموت

الغد الذي حلمت به كل أفلام الخيال جزءٌ منه يتحقق كل يوم، متعلقٌ بالتقدم التكنولوجي .. وأجزاءٌ كثيرةٌ تبقى على وحشيتها وقسوتها وبريتها؛ كالجوع والفقر والمرض!
لكن لن يكون للإنسان العالم المثالي الفاضل الذي إذ طالما حلم به، لأن الانسان ببساطة مخلوقٌ لا نظامي، ينازع نفسه ، يبقى عالقًا عند مسميّات الأشياء، وعند تفاصيل الأشياء الصغيرة، ثمّ يبعثرها دون أن يضعها في الصورة الكبيرة..

ربما لو أمكن للانسان الوصول إلى مدينة خارقة مثالية، وكان قد تمكن من حل نزاعات الأفراد بصورة عملية، ومن ثمّ وفر لكل فرد ما يسد احتياجاته ويشبع رغباته، وأعدّ معاييرًا للحياة تجعلها تسير بعيدًا عن نزوات وجنحات البشر وفق ضوابط معينة .. ربما حينها فقط أمكنه أن يقرر اختيار موته من استمراره في الحياة ، وربما أصبحت يومها تباع "حبة الموت" في الصيدليات .. وقد حتى تتواجد منها أنواع مختلفة : "موت بطيء" .."موت سريع"...

لكن الإنسان لا يكون أبدًا قادرًا على اتخاذ قرار موته بنفسه لأنه متذبذب ومليء بالعواطف ونواحي الضعف لهذا يبدو الانتحار عملًا محرمًا في بعض الديانات ،ولعنةً في بعض الثقافات، وخطيئةً في بعض المجتمعات .. 
مع ذلك قد يبدو قتل النفس مخرجًا من كل المآزق التي تخنقنا بها الحياة..
 وقد يبدو تارةً أكثر شرفًا من أن يقتلك عدوك ..
قد يبدو رفيقًا ورؤوفًا أكثر من حياةٍ مهينةً مريرةٍ لا توجد فيها أهم أسباب الحياة ..
وقد يبدو شفقةً من عذابٍ مستمر .. 
..
لكن ربما لأن البشر مثل كأطفالٍ في صفّ الروضة معظمهم لا يحسن استخدام السكين فيمنعون جميعًا من استخدامه .. 

هل لازالت الحياة تبدو مشرقةً حين تعرفُ الجانب المظلم من حياة الآخرين .. ولا تعود تسمعهم في صلواتهم في عتمة الليل يقولون سوى : 
يارب .. نريد أن نموت ، وتستكين آلامنا وتسكن أوجاعنا .. 
نريد أن نموت!